تعريف العنف ضد الأطفال يعدُّ العنف ضد الأطفال شكلاً من أشكال انتهاك حقوق الإنسان، وذلك كما نَصَّت اتفاقية حقوق الطفل في المادة رقم 19 من قبل الأمم المتحدة،[١] ويُعرَّف مصطلح العنف ضد الأطفال بعدّة طرقٍ تتمركز حول محاور مشتركة، فقد عرّفته الأمم المتحدة في تقريرها حول العنف ضد الأطفال عام 2006م بأنّه أيّ شكلٍ من أشكال العنف أو الأذى الجسديّ، أو النفسيّ، أو الإهمال بأشكاله، وسوء المعاملة، أو أيّ نوع من الاستغلال، كالإساءات الجنسية، أمّا بالنسبة لمنظمة الصحة العالمية فقد عرَّفته في تقريرها عن الصحة والعنف عام 2002م بأنّه أيّ استعمال للقوة الجسدية عن سبق إصرار ضد الأطفال، بالتهديد أو بالفعل من قِبَل فردٍ أو مجموعة من الأفراد، والتي تؤدي بدورها إلى ضرر بصحة الطفل، أو التأثير في تطوره النمائي، أو تهديد حياته في بعض الأحيان.[٢] أسباب العنف ضد الأطفال تساهم عدة عوامل سواءً فردية واجتماعية في زيادة احتمالية تعرُّض الطفل للأذية الجسدية والنفسية، والتي يُعزى إليها ممارسة العنف ضد الاطفال، وتُقسّم تلك العوامل إلى فئتين:[٣] عوامل عائلية: يُعدُّ والديّ الطفل الجهة المسؤولة عن سلامته أو أذيَّته، وتزداد فرصة تعرّض الطفل للعنف الصادر منهما على عدة مظاهرَ تمسّ شخصية الوالدين أو تتعلق بالظروف المحيطة بهما، وهي كالآتي: ضعف قدرة الوالدين على فهم احتياجات الطفل الجسديّة، والنمائيّة، والتربويّة. وجود ظروفٍ تساهم في إضعاف قدرة الوالدين العقلية والنفسية، كتعاطي وإدمان المواد المخدِّرة ، أو وجود اضطراباتٍ نفسية كالإكتئاب المَرَضِيّ. ازدياد احتمالية تعرض الأطفال للعنف من قبل والديهم في حال تعرّضهما للإساءة أثناء طفولتهما في الماضي. ظروف الوالدين الخارجية؛ كالإنجاب بعمر صغير، وضعف المستوى التعليمي، ووجود عدد كبير من الأطفال، وانخفاض مستوى الدخل، ورعاية الأطفال من قبل أحد الوالدين فقط، ووجود طرفٍ مُرَبٍّ غير الوالدين كزوج الأم أو زوجة الأب. انعزال الأسرة عن المجتمع الخارجيّ. التوتر الناتج عن انفصال الوالدين، أو العلاقة السلبية بين الطفل ووالديه عند وجودهما معه. عوامل مجتمعية: تساهم البيئة المحيطة بأسرة الطفل في زيادة تعرّضه للعنف؛ كالعنف المجتمعي الناتج عن المشاكل التي تواجه المجتمع من الفقر، والبطالة، وانتشار محلات الخمور والمواد المُخدِّرة، بالإضافة إلى ضعف العلاقات التّكافليّة والتّعاونيّة. تأثير العنف ضد الأطفال يؤثر إهمال الطفل واحتياجاته، وتعرّضه لسوء المعاملة إلى عواقب كارثية على مستوى صحة الطفل الجسدية، وقدراته الإدراكية، وتطوره النفسي النمائي، وتطوره السلوكي، فقد تتراوح التأثيرات السلبية على جسد الطفل من جروحٍ سطحية إلى مشاكل دماغيةٍ، أو حتى إلى الموت، ويتراوح تأثير العنف والإهمال على قدرات الطفل الإدراكية من إصابته بقصور الانتباه، إلى إصابته بأنواعٍ من المتلازمات الدماغية العضوية، أمّا بالنسبة للآثار النفسية، فتبدأ بانخفاض احترام الذات وتقديرها، وتصل إلى اضطراباتٍ نفسية انفصامية شديدة، وبما يتعلق بالتطور السلوكي فقد تظهر الآثار السلبية بشكلٍ طفيفٍ كعدم قدرة الطفل على إنشاء علاقاتٍ إيجابية مع أقرانه، وتظهر بشكلٍ كبيرٍ كالتصرفات العنيفة اتجاه الآخرين.[٤] أشكال العنف ضد الأطفال يعدُّ العنف المنزلي بهدف التربية أكثر أنواع العنف الجسدي ضد الأطفال والمراهقين؛ وذلك وفق دراسة لمنظمة اليونسيف عام 2017م، وتثبت دراساتها بأن ثلاثةً من أربعة أطفال ما بين أعمار سنتين إلى أربع سنوات يتعرضون للعنف الجسدي من قبل أهاليهم بشكل مستمر في كل أنحاء العالم، وستة أطفالٍ من أصل عشرة يتعرضون للأذية الجسدية،[٥] وتنقسم أشكال العنف إلى ستة أنواعٍ، وهي على النحو التالي:[٦] سوء المعاملة من قِبل دائرة معارف الطفل، وتشمل الإساءات الجسديّة، والنفسية، والعاطفية، والجنسية. التنمُّر الواقعي والإلكتروني الذي يهدُف لإحداث ضرر اجتماعيّ، ونفسيّ، وجسديّ للطفل، وعادةً ما يُمَارَس من قِبَل أطفالٍ وأشخاصٍ آخرين سواء في البيئة المدرسيّة أو المجتمعيّة. العنف ضد اليافعين والمراهقين من قِبَل المجتمع المحيط بهم كالعصابات الإجرامية. العنف الأسريّ من قِبَل الأزواج، وحالات زواج القاصرات والزواج القَسري، والذي يتضمن كلاً من: الإساءة الجسدية، والنفسية، والجنسية. التحرش والإساءات الجنسية بكل أنواعها من قبل الغرباء، على أرض الواقع أو من خلال شبكة الإنترنت. الإهانة النفسية والعاطفية أو أي نوع من الإساءات غير الجسدية، كالاستصغار، والظّلم، والتّخويف. إحصاءات حول العنف ضد الأطفال أصبحت مشكلة العنف ضدّ الأطفال مشكلةً تواجه العالم أجمع، وتدلّ الإحصاءات على خطورة ووضوح انتشار هذه الظاهرة، فقد ذكرت الشراكة العالمية لإنهاء العنف ضد الأطفال عام 2016م (Global Partnership to End Violence Against Children) أنّ كل خمس دقائق يواجه طفل حتفه بسبب العنف، كما ذكرت منظمة الصحة العالمية عام 2016م أن ما يقارب المليار طفل تعرّضوا لأحد أشكال العنف، معظمهم ما بين السنتين والسبع عشرة سنة، وأمّا بالنسبة لمنظمة اليونسيف فقد ذكرت في عام 2014م أن 120 مليون فتاة تحت عمر العشرين تتعرّض للعنف الجنسي، كما ذكرت المنظمة في عام 2016م أنّ 250 مليون طفل في العالم يعيشون في مناطق الحروب.[٧] كيفية الحد من العنف ضد الأطفال يعدُّ الوالدان العامل الأساسيّ في إنشاء بيتٍ آمنٍ للأطفال، فقد أثبتت الدّراسات أنّ الوالدين الذين يحظون بدعم عائلاتهم القريبة والمجتمع المحيط بهم هم أكثر قدرةً على اتّخاذ قراراتٍ وخطواتٍ تساعدهم على إيجاد بيئةٍ مستقرةٍ للطفل، تحميه من أشكال العنف، وتلبِّي احتياجاته النفسية، والجسدية، والنمائية، وعليه فقد أدركت المنظمات المحلية والمدنية أهمية تأهيل الوالدين بالمهارات اللازمة لإيجاد تلك البيئة الآمنة،[٨] وفيما يلي ذكر لبعض الطّرق التي اتّبعتها تلك المنظّمات لتحقيق هذا الهدف:[٩] الدعم الاقتصادي: يساهم الوضع الاقتصادي في استقرار الوضع الأسريّ بشكلٍ كبيرٍ، لذلك حرصت المنظّمات على إيجاد طرق لإيجاد الأمان المالي للعائلات، من خلال تأمين بيئات عملٍ تناسب الظروف العائلية. دعم التربية الإيجابية: تساهم المنظّمات في نشر التربية الإيجابية من خلال الحملات العامة والتعليمية، لتمهِّد طرقاً لسنِّ قوانين تمنع استعمال العنف ضدّ الأطفال. العناية والتعليم المبكر: يساهم تعليم الطّفل النوعيّ في سنٍ مبكرة في الروضات في إشراكٍ فعّالٍ للوالدين في حياة الطفل، ولذلك تهدف المنظّمات إلى إيجاد نظام اعتماد وترخيص لتلك المؤسسات التّعليمية. تطوير المهارات التربوية لدى الوالدين: يتم مساعدة الوالدين في تطوير مهاراتهم التربوية من خلال الزيارات الدورية، ابتداءً من الطفولة المبكرة، وذلك بالاعتماد على شبكات العلاقات الاجتماعية والعائلية. التدخُّل والحماية: يساهم التدخُّل في حياة الطفل المعرض للعنف من الحدّ من المشاكل التربوية التي تواجهه من إهمالٍ أو عنف، وتقليل آثارها قدر الإمكان، ويتمّ ذلك من خلال تحسين الرعاية الصحية اليومية، وإشراك الوالدين في برامج تدريب سلوكية لمعالجة الاضطربات السلوكية، وإيجاد طرق لحماية الطفل من العنف في الحاضر والمستقبل.
شاهد أيضاً
بدء انتخابات الجمعية العمومية لجمعية دعم الاسرة يوم الاثنين الموافق 18/9/2023
دعت الجمعية الخيرية لدعم الاسرة الفلسطينية ممثله برئيس مجلس ادارتها الأستاذ / عبد الجواد هارون …